Lmae fi halab
بيئة حلب الجيولوجية
تتمتع الهضبة التي تطورت عليها مدينة حلب ببنية جيولوجية ذات طبيعة رسوبية عامة، تكونت في الغالب، في الحقبة الجيولوجية الثانية بعصريها الجوراسي والكريتاسي، وتتألف هذه الرسوبيات من كربونات الكالسيوم ذات النسبة المختلفة من الشوائب؛ مما يعلل وجود الكثير من المقالع الحجرية التي ما زالت حلب تستقي منها اليوم المادة الرئيسة المميزة لبنائها، وانعكس ذلك على شكل عمارتها، فنلاحظ التركيز في مادة الحجارة، والاعتماد على هذه المادة الصلبة في عمران مدينة حلب.
وقد ارتبطت نوعية مواد البناء بمعطيات البيئة الجيولوجية للمنطقة، فانتشار الحجارة، وتوافرها بكثرة في منطقة حلب جعلاها المادة الأساسية في إنشاء البيوت العربية، فالمعمار المصمم راعى توافر مواد البناء خلال تصميمه ودراسته للحجوم والمساحات. فالحجارة مادة مثالية ومتينة في البناء والتعمير، وهي مادة أولية ومعروفة منذ القدم، فاستخدمها الإنسان في بناء القلاع والأسوار والقصور والجوامع، وتعامل المعمار العربي مع هذه المادة الصماء تعامل فنان مبدع مرهف الحس، وغني بميراث حضارات سابقة، فاستخدم النقوش على أشكال نباتية فوق الأبواب والنوافذ، واختار الألوان المتباينة بالمداميك السوداء، والبيضاء المتناوبة، وهذا ما نسميه بالأبلق مع الأشكال الهندسية المختلفة ليدمج الشكل باللون، والهندسة بالفن.
جميع هذه المعطيات أفرزت الكثير من الأوابد التاريخية التي ظل معظمها صامداً إلى يومنا هذا على الرغم مما واجهته هذه المدينة من زلازل وحرائق ومصائب، وتعود هذه الأوابد إلى عدة عهود، وسنتناول بعض تلك النماذج المختارة للتعرف إلى أهم مميزات كل عصر إسلامي، وإلى جميع أشكال العمارة العسكرية والدينية والمدنية.
عود تاريخ بناء أهم أقسام القلعة إلى عصر الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي وكان ولاه عليها سنة 1190م، فلقد حصّن مدخلها وبنى على سفحها جداراً ، وحفر حولها الخندق، وشيد في داخلها مسجداً وعدداً من القصور. وكانت زوجه ضيفه خاتون، التي صارت ملكة حلب ، تعيش في أحد قصور القلعة، وفيها دفنت أولاً .
ي عام 1183م ضم السلطان صلاح الدين الأيوبي قلعة حلب الى الدولة العربية الموحدة ,وجعلها قاعدة لضرب الفرنج وولّى ابنه» الظاهر غازي« حاكماً عليها فوسع مملكته , ووطّد حكمه ,وانصرف كلياً الى تحصين القلاع وبنائها في جميع المنطقة الشمالية ,وقد تقدم