المكتوب والمرئي جدلية المفاهيم وجماليات التلقي * يبدو لي أن ثمة تحولاً في الخطاب والتشكيلي العربي المعاصر ، كجزء من الخطاب الثقافي الأشمل* الذي يشهد – بتأثير الحداثة وما بعدها من تيارات فكرية ومناهج نقدية وأساليب فنية – تحولات واضحة على مستوى *القناعات* النظرية ، *والنتاجات* النصية ، وطرق القراءة والتلقي أيضاً. *ويمكن لنا أن نستقرئ* ملامح هذا التحول في مجال التشكيل ، لا في الأعمال الفنية المنجزة على السطوح التصويرية فحسب ، بل في التنظير *المفاهيمي* الذي يعكس جانباً من تصور الأزمة التعبيرية والأسلوبية ، ومراجعة صلة الرسم بالحياة والواقع والإنسان وبالثقافة والتراث والفنون ، ويؤكد في وجهه الآخر الوعي بضرورة التحول الأسلوبي *والرؤيوي* ، ومن مظاهر هذا الوعي تركيز الفنانين والنقاد والمتلقين على الخروج من (الرسم) بالمعنى الحرفي التقليدي إلى مرحلة (ما بعد الرسم) أي الاستعداد لكي نتسلم أو ننتج أو *نستقرئ* أعمالاً لا تمثيل للأبعاد والمناظير والعناصر أو القوانين التقليدية التي أصبحت جزءاً من أصول أو قواعد عمل يجهد الفنان لإظهارها كي يندرج عمله ضمن النوع السائد والتعبير المألوف للمشاهد ، ووفق هذا التصور التقليدي يبحث المشاهد (المتلقي) هو الآخر ، عن وجود تلك العناصر والقوانين والأبعاد للبرهنة على اندماج أفق تلقيه بأفق إنتاج العمل ، أو لفهرسة ذلك العمل وفق ما استقر في وعيه وخبرته ضمن نوع محدد ومستقر. *لكن مرحلة ما بعد الرسم تؤكد على تسميه الفراغية غير السالبة ، أي المهيأة للأمتلاء* بذلك الجيشان العارم من الرؤية *المشهدية* أو النظرة (الرؤية) الموضعية بما تحمل من تصور لمفهوم فني مغاير يهجر التقنية الحرفية والمهارة السطحية ، ويؤسس لمرجعية جمالية جديدة ، وذلك في ظني هو ما *دشنته* أوراق الندوة الدولية في الشارقة حول (الشعرية البصرية) التي صاحبت ليالي الشارقة الثالث للفنون (2-4 نيسان 1997) وأشرف على تنسيقها الفنان الناقد طلال *معلا*. *إن المرئي – وفق تصور النظرة الموضعية (*installtion*)* بوصفه ذخيرة للرؤية تتعدى الملاحظة البصرية العابرة ، إلى استيعاب المشهد وتمثله ثم تمثيله فنياً ، سيكون له حضور وإسهام في " إخراج الأحاسيس والمشاعر والرؤى ضمن الحيز الذي يريده الفنان وهو خلق لحقول مرجعية جديدة " كما يرى الفنان أحمد *معلا* ، الذي يطمح عبر الموضعية إلى التحرر من (لوحة