Histoire des institutions politiques
في الواقع إن هذا الكتاب يمثل أول تدخل لسبينوزا في الشؤون الدينية والسياسية لزمنه. ولذلك فهو يحتل مكانة خاصة بين أعماله. فهو قد ظهر في مرحلة حرجة من تاريخ هولندا. فالجدالات اللاهوتية كانت عنيفة بين مختلف الطوائف المسيحية وبالأخص البروتستانتية الكالفينية التي كانت تشكل دين الأغلبية. وذلك على عكس فرنسا، أو إسبانيا، أو إيطاليا حيث يسيطر المذهب الكاثوليكي بشكل مطلق تقريباً. وقد أدت هذه الصراعات اللاهوتية بين مختلف الطوائف البروتسانتية إلى انتصار المذهب الكالفيني أولاً، وذلك قبل أن يحصل تعايش سلمي إلى حد ما بين مختلف هذه الطوائف. وهو تعايش فريد من نوعه في أوروبا آنذاك. فمعظم الدول ما كانت تقبل إلا بمذهب واحد في أراضيها، وكانت تحرِّم كل المذاهب المسيحية الأخرى تحريماً قاطعاً باعتبار أنها منحرفة عن الخط المستقيم للدين المسيحي، أي عن الأرثوذكسية. وبالتالي فهي مهرطقة، أو زنديقة، ويحل تكفيرها وإدانة أتباعها وحرمانهم من الحقوق السياسية والمدنية. وهذا ما فعله المذهب الكاثوليكي في فرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، والبرتغال، مع البروتستانتيين. وحدها انجلترا كانت تمشي في اتجاه التحرر من الطائفية والمذهبية، أي في الإتجاه الذي سلكته هولندا. بالإضافة إلى الصراعات اللاهوتية المذكورة كانت هناك صراعات على السلطة.